شركة الافضل التطويرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مبروك انضمام العضو الجديد !~ŔàŸàŇ~!
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته...حياكم الله تعالى في شركة الافضل التطويرية...نرجو الإستمتاع مع اسرتنا الرائعة
يمنع النسخ
الشاتـــ

 

  يامن يبحث عن الحق كتاب الله هو الحق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
لمست بنوتة




عدد المساهمات : 325
تاريخ التسجيل : 19/03/2013

  يامن يبحث عن الحق كتاب الله هو الحق  Empty
مُساهمةموضوع: يامن يبحث عن الحق كتاب الله هو الحق      يامن يبحث عن الحق كتاب الله هو الحق  I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 19, 2013 4:54 pm



الحق هو كتاب الله تعالى وسنة النبي -صلى الله
عليه وسلم- على فهم السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم والدليل على ذلك
قوله تعالى :{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }البقرة119 . قال الإمام البغوي-رحمه الله تعالى- كما في تفسيره
-
(1 / 142-143) :{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ } أي بالصدق كقوله
"ويستنبئونك أحق هو"( 53-يونس ) أي صدق، قال ابن عباس رضي الله عنهما:
بالقرآن دليله "بل كذبوا بالحق لما جاءهم"( 5-ق ) وقال ابن كيسان: بالإسلام
وشرائعه، دليله قوله عز وجل: "وقل جاء الحق"( 81-الإسراء ) وقال مقاتل:
معناه لم
نرسلك عبثا، إنما أرسلناك بالحق كما قال: "وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق"( 85-الحجر ).
قوله عز وجل { بَشِيرًا } أي مبشرا لأوليائي وأهل
طاعتي بالثواب الكريم { وَنَذِيرًا } أي منذرا مخوفا لأعدائي وأهل معصيتي
بالعذاب الأليم، قرأ نافع ويعقوب { وَلا تُسْأَلُ } على النهي قال عطاء عن
ابن عباس رضي الله عنهما: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم:
"ليت شعري ما فعل أبواي" فنزلت هذه الآية ، وقيل: هو على معنى قولهم ولا
تسأل عن شر فلان فإنه فوق ما تحسب وليس على النهي، وقرأ الآخرون "ولا تسأل"
بالرفع على النفي بمعنى ولست بمسئول عنهم كما قال الله تعالى: " فإنما
عليك البلاغ وعلينا الحساب"( 20-آل عمران )، { عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }
والجحيم معظم النار.

وقال تعالى :{ وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ
عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا
مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ
ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92)
}البقرة91-92 . قال الإمام السعدي -رحمه الله تعالى- كما في تفسيره
-
(1 / 59) : أي: وإذا أمر اليهود بالإيمان بما أنزل الله على رسوله، وهو
القرآن استكبروا وعتوا، و { قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزلَ عَلَيْنَا
وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ } أي: بما سواه من الكتب، مع أن الواجب أن
يؤمن بما أنزل الله مطلقا، سواء أنزل عليهم، أو على غيرهم، وهذا هو الإيمان
النافع، الإيمان بما أنزل الله على جميع رسل الله.

وأما التفريق بين الرسل والكتب، وزعم الإيمان
ببعضها دون بعض، فهذا ليس بإيمان، بل هو الكفر بعينه، ولهذا قال تعالى: {
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ
يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ
وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا
أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا } .

ولهذا رد عليهم تبارك وتعالى هنا ردا شافيا،
وألزمهم إلزاما لا محيد لهم عنه، فرد عليهم بكفرهم بالقرآن بأمرين فقال: {
وَهُوَ الْحَقُّ } فإذا كان هو الحق في جميع ما اشتمل عليه من الإخبارات،
والأوامر والنواهي، وهو من عند ربهم، فالكفر به بعد ذلك كفر بالله، وكفر
بالحق الذي أنزله.

ثم قال: { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ } أي: موافقا له في كل ما دل عليه من الحق ومهيمنا عليه.
فلم تؤمنون بما أنزل عليكم، وتكفرون بنظيره؟ هل هذا إلا تعصب واتباع للهوى لا للهدى؟
وأيضا، فإن كون القرآن مصدقا لما معهم، يقتضي أنه
حجة لهم على صدق ما في أيديهم من الكتب، قلا سبيل لهم إلى إثباتها إلا به،
فإذا كفروا به وجحدوه، صاروا بمنزلة من ادعى دعوى بحجة وبينة ليس له
غيرها، ولا تتم دعواه إلا بسلامة بينته، ثم يأتي هو لبينته وحجته، فيقدح
فيها ويكذب بها; أليس هذا من الحماقة والجنون؟ فكان كفرهم بالقرآن، كفرا
بما في أيديهم ونقضا له.

ثم نقض عليهم تعالى دعواهم الإيمان بما أنزل
إليهم بقوله: { قُلْ } لهم: { فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ
قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى
بِالْبَيِّنَاتِ }

أي: بالأدلة الواضحات المبينة للحق، { ثُمَّ
اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ } أي: بعد مجيئه { وَأَنْتُمْ
ظَالِمُونَ } في ذلك ليس لكم عذر.

وقال الله تعالى :{يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ
فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً

}النساء170. قال الإمام السعدي -رحمه الله تعالى- كما في تفسيره - (1 /
215-216) : يأمر تعالى جميع الناس أن يؤمنوا بعبده ورسوله محمد صلى الله
عليه وسلم. وذكر السبب الموجب للإيمان به، والفائدة في الإيمان به، والمضرة
من عدم الإيمان به، فالسبب الموجب هو إخباره بأنه جاءهم بالحق.أي: فمجيئه
نفسه حق، وما جاء به من الشرع حق، فإن العاقل يعرف أن بقاء الخلق في جهلهم
يعمهون، وفي كفرهم يترددون، والرسالة قد انقطعت عنهم غير لائق بحكمة الله
ورحمته، فمن حكمته ورحمته العظيمة نفس إرسال الرسول إليهم، ليعرفهم الهدى
من الضلال، والغي من الرشد، فمجرد النظر في رسالته دليل قاطع على صحة
نبوته.

وكذلك النظر إلى ما جاء به من الشرع العظيم
والصراط المستقيم. فإن فيه من الإخبار بالغيوب الماضية والمستقبلة، والخبر
عن الله وعن اليوم الآخر -ما لا يعرف إلا بالوحي والرسالة. وما فيه من
الأمر بكل خير وصلاح، ورشد وعدل وإحسان، وصدق وبر وصلة وحسن خلق، ومن النهي
عن الشر والفساد والبغي والظلم وسوء الخلق، والكذب والعقوق، مما يقطع به
أنه من عند الله.

وكلما ازداد به العبد بصيرة، ازداد إيمانه
ويقينه، فهذا السبب الداعي للإيمان. وأما الفائدة في الإيمان فأخبر أنه خير
لكم والخير ضد الشر. فالإيمان خير للمؤمنين في أبدانهم وقلوبهم وأرواحهم
ودنياهم وأخراهم. وذلك لما يترتب عليه من المصالح والفوائد، فكل ثواب عاجل
وآجل فمن ثمرات الإيمان، فالنصر والهدى والعلم والعمل الصالح والسرور
والأفراح، والجنة وما اشتملت عليه من النعيم كل ذلك مسبب عن الإيمان.

كما أن الشقاء الدنيوي والأخروي من عدم الإيمان
أو نقصه. وأما مضرة عدم الإيمان به صلى الله عليه وسلم فيعرف بضد ما يترتب
على الإيمان به. وأن العبد لا يضر إلا نفسه، والله تعالى غني عنه لا تضره
معصية العاصين، ولهذا قال: { فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَالأرْضِ } أي: الجميع خلقه وملكه، وتحت تدبيره وتصريفه { وَكَانَ اللَّهُ
عَلِيمًا } بكل شيء { حَكِيمًا } في خلقه وأمره. فهو العليم بمن يستحق
الهداية والغواية، الحكيم في وضع الهداية والغواية موضعهما.

وقال الله تعالى :{وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ
}الأنعام66. قال الإمام السعدي -رحمه الله تعالى- كما في تفسيره - (1 /
260) :{ وَكَذَّبَ بِهِ } أي: بالقرآن { قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ } الذي
لا مرية فيه، ولا شك يعتريه. { قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } أحفظ
أعمالكم، وأجازيكم عليها، وإنما أنا منذر ومبلغ.{ لِكُلِّ نَبَإٍ
مُسْتَقَرٌّ } أي: وقت يستقر فيه، وزمان لا يتقدم عنه ولا يتأخر. {
وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } ما توعدون به من العذاب.

وقال الله تعالى :{ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)
وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ
عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ
سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا
الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ
أَمْثَالَهُمْ (3)
}محمد1-3. قال الإمام السعدي -رحمه الله تعالى-
كما في تفسيره - (1 / 784) : هذه الآيات مشتملات على ذكر ثواب المؤمنين
وعقاب العاصين، والسبب في ذلك، ودعوة الخلق إلى الاعتبار بذلك، فقال: {
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } وهؤلاء رؤساء الكفر،
وأئمة الضلال، الذين جمعوا بين الكفر بالله وآياته، والصد لأنفسهم وغيرهم
عن سبيل الله، التي هي الإيمان بما دعت إليه الرسل واتباعه.

فهؤلاء { أَضَلَّ } الله { أَعْمَالَهُمْ } أي:
أبطلها وأشقاهم بسببها، وهذا يشمل أعمالهم التي عملوها ليكيدوا بها الحق
وأولياء الله، أن الله جعل كيدهم في نحورهم، فلم يدركوا مما قصدوا شيئا،
وأعمالهم التي يرجون أن يثابوا عليها، أن الله سيحبطها عليهم، والسبب في
ذلك أنهم اتبعوا الباطل، وهو كل غاية لا يراد بها وجه الله من عبادة
الأصنام والأوثان، والأعمال التي في نصر الباطل لما كانت باطلة، كانت
الأعمال لأجلها باطلة.

وأما { وَالَّذِينَ آمَنُوا } بما أنزل الله على
رسله عموما، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا، { وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ } بأن قاموا بما عليهم من حقوق الله، وحقوق العباد الواجبة
والمستحبة.

{ كَفَّرَ } الله { عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ }
صغارها وكبارها، وإذا كفرت سيئاتهم، نجوا من عذاب الدنيا والآخرة. {
وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } أي: أصلح دينهم ودنياهم، وقلوبهم وأعمالهم، وأصلح
ثوابهم، بتنميته وتزكيته، وأصلح جميع أحوالهم، والسبب في ذلك أنهم: {
اتبعوا الْحَقُّ } الذي هو الصدق واليقين، وما اشتمل عليه هذا القرآن
العظيم، الصادر { مِنْ رَبِّهِمْ } الذي رباهم بنعمته، ودبرهم بلطفه فرباهم
تعالى بالحق فاتبعوه، فصلحت أمورهم، فلما كانت الغاية المقصودة لهم،
متعلقة بالحق المنسوب إلى الله الباقي الحق المبين، كانت الوسيلة صالحة
باقية، باقيا ثوابها.

وقال الله تعالى :{وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم
بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
}التوبة100. قال صاحب التفسير الميسر (3 /
342) : والذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين
الذين هجروا قومهم وعشيرتهم وانتقلوا إلى دار الإسلام، والأنصار الذين
نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه الكفار، والذين اتبعوهم
بإحسان في الاعتقاد والأقوال والأعمال طلبًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى،
أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم الله ورسوله، ورضوا عنه لما أجزل لهم من
الثواب على طاعتهم وإيمانهم، وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين
فيها أبدًا، ذلك هو الفلاح العظيم. وفي هذه الآية تزكية للصحابة -رضي الله
عنهم- وتعديل لهم، وثناء عليهم; ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان.

وقال الله تعالى :{فَإِنْ
آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ
فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ
}البقرة137. قال الإمام السعدي -رحمه الله تعالى- كما في تفسيره
-
(1 / 68) : أي: فإن آمن أهل الكتاب { بمثل ما آمنتم به } - يا معشر
المؤمنين - من جميع الرسل، وجميع الكتب، الذين أول من دخل فيهم، وأولى
خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، وأسلموا لله وحده، ولم
يفرقوا بين أحد من رسل الله { فَقَدِ اهْتَدَوْا } للصراط المستقيم، الموصل
لجنات النعيم، أي: فلا سبيل لهم إلى الهداية، إلا بهذا الإيمان، لا كما
زعموا بقولهم: "كونوا هودا أو نصارى تهتدوا "فزعموا أن الهداية خاصة بما
كانوا عليه، و "الهدى "هو العلم بالحق، والعمل به، وضده الضلال عن العلم
والضلال عن العمل بعد العلم، وهو الشقاق الذي كانوا عليه، لما تولوا
وأعرضوا، فالمشاق: هو الذي يكون في شق والله ورسوله في شق، ويلزم من
المشاقة المحادة، والعداوة البليغة، التي من لوازمها، بذل ما يقدرون عليه
من أذية الرسول، فلهذا وعد الله رسوله، أن يكفيه إياهم، لأنه السميع لجميع
الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات، العليم بما بين أيديهم وما
خلفهم، بالغيب والشهادة، بالظواهر والبواطن، فإذا كان كذلك، كفاك الله
شرهم.

وقد أنجز الله لرسوله وعده، وسلطه عليهم حتى قتل
بعضهم، وسبى بعضهم، وأجلى بعضهم، وشردهم كل مشرد. ففيه معجزة من معجزات
القرآن، وهو الإخبار بالشيء قبل وقوعه، فوقع طبق ما أخبر.

-وقال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- كما في
صحيحه - (4 / 39) :حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ
وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعًا عَنْ حَاتِمٍ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ
حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِىُّ - عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
................ الحديث الطويل عن حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه
قوله -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا
بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ.......................

-وقال أيضاً -رحمه الله تعالى- كما في صحيحه - (4
/ 214) : وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ
الْهَمْدَانِىُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ
عُرْوَةَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَتْ عَلَىَّ
بَرِيرَةُ فَقَالَتْ إِنَّ أَهْلِى كَاتَبُونِى عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِى
تِسْعِ سِنِينَ فِى كُلِّ سَنَةٍ أُوقِيَّةٌ. فَأَعِينِينِى. فَقُلْتُ
لَهَا إِنْ شَاءَ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً
وَأُعْتِقَكِ وَيَكُونَ الْوَلاَءُ لِى فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ
لأَهْلِهَا فَأَبَوْا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ فَأَتَتْنِى
فَذَكَرَتْ ذَلِكَ قَالَتْ فَانْتَهَرْتُهَا فَقَالَتْ لاَهَا اللَّهِ
إِذَا قَالَتْ. فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَنِى
فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ « اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِى لَهُمُ
الْوَلاَءَ فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ ». فَفَعَلْتُ - قَالَتْ -
ثُمَّ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَشِيَّةً فَحَمِدَ
اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ « أَمَّا
بَعْدُ فَمَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ
اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ
وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ مَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ
أَعْتِقْ فُلاَنًا وَالْوَلاَءُ لِى إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ
». قلتُ : الحديث متفق عليه .

-وقال أيضاً -رحمه الله تعالى- كما في صحيحه - (7
/ 122) : حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَشُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ
جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِى أَبُو حَيَّانَ حَدَّثَنِى يَزِيدُ بْنُ
حَيَّانَ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ
مُسْلِمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ
لَهُ حُصَيْنٌ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا رَأَيْتَ
رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ وَغَزَوْتَ
مَعَهُ وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا
حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم - قَالَ - يَا ابْنَ أَخِى وَاللَّهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّى وَقَدُمَ
عَهْدِى وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِى كُنْتُ أَعِى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا وَمَا لاَ فَلاَ
تُكَلِّفُونِيهِ.

ثُمَّ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله
عليه وسلم- يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ
وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ
ثُمَّ قَالَ « أَمَّا بَعْدُ أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا
بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِىَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ
فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى
وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ». فَحَثَّ
عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ « وَأَهْلُ بَيْتِى
أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى
أَهْلِ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى ». فَقَالَ لَهُ
حُصَيْنٌ وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ
أَهْلِ بَيْتِهِ قَالَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَكِنْ أَهْلُ
بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ. قَالَ وَمَنْ هُمْ قَالَ هُمْ
آلُ عَلِىٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ . قَالَ كُلُّ
هَؤُلاَءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ قَالَ نَعَمْ.

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ
الرَّيَّانِ حَدَّثَنَا حَسَّانُ - يَعْنِى ابْنَ إِبْرَاهِيمَ - عَنْ
سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَرْقَمَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-. وَسَاقَ الْحَدِيثَ
بِنَحْوِهِ بِمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيْرٍ.

- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ كِلاَهُمَا عَنْ أَبِى حَيَّانَ بِهَذَا
الإِسْنَادِ. نَحْوَ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ وَزَادَ فِى حَدِيثِ جَرِيرٍ «
كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَأَخَذَ
بِهِ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ ».

- وقال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى- كما في
صحيحه - (6 / 2655) : حدثنا محمد بن سنان حدثنا فليح حدثنا هلال بن علي عن
عطاء بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : ( كل
أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ) . قالوا يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال ( من
أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) .

- وقال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- كما في
صحيحه - (7 / 185) : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ جَمِيعًا عَنْ غُنْدَرٍ
قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ حَدَّثَنِى زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ
سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ».
قَالَ عِمْرَانُ فَلاَ أَدْرِى أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً « ثُمَّ يَكُونُ
بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلاَ
يُتَّمَنُونَ وَيَنْذُرُونَ وَلاَ يُوفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ »
. قلتُ : الحديث متفق عليه .

- وقال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى - كما في
صحيحه - (7 / 185) : وَحَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الْحُلْوَانِىُّ
حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى
الله عليه وسلم- قَالَ « خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ». فَلاَ أَدْرِى فِى
الثَّالِثَةِ أَوْ فِى الرَّابِعَةِ قَالَ « ثُمَّ يَتَخَلَّفُ مِنْ
بَعْدِهِمْ خَلْفٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ
شَهَادَتَهُ » . قلتُ : الحديث متفق عليه .

- من هم السلف الصالح ؟ :
- السلف الصالح هم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأصحابه ومن اتبعهم بإحسان كما قال الله تعالى : {وَمَن
يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ
غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ
جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً
}النساء115. قال الإمام السعدي -رحمه
الله تعالى كما في تفسيره - (1 / 202-203) : أي: ومن يخالف الرسول صلى الله
عليه وسلم ويعانده فيما جاء به { مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى
} بالدلائل القرآنية والبراهين النبوية.

{ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ }
وسبيلهم هو طريقهم في عقائدهم وأعمالهم { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى } أي:
نتركه وما اختاره لنفسه، ونخذله فلا نوفقه للخير، لكونه رأى الحق وعلمه
وتركه، فجزاؤه من الله عدلا أن يبقيه في ضلاله حائرا ويزداد ضلالا إلى
ضلاله.

كما قال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ
اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } وقال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ
وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } .

ويدل مفهومها على أن من لم يشاقق الرسول، ويتبع
سبيل المؤمنين، بأن كان قصده وجه الله واتباع رسوله ولزوم جماعة المسلمين،
ثم صدر منه من الذنوب أو الهّم بها ما هو من مقتضيات النفوس، وغلبات
الطباع، فإن الله لا يوليه نفسه وشيطانه بل يتداركه بلطفه، ويمن عليه بحفظه
ويعصمه من السوء، كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام: { كَذَلِكَ
لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا
الْمُخْلَصِينَ } أي: بسبب إخلاصه صرفنا عنه السوء، وكذلك كل مخلص، كما يدل
عليه عموم التعليل.

وقوله: { وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ } أي: نعذبه فيها عذابا عظيما. { وَسَاءَتْ مَصِيرًا } أي: مرجعا له ومآلا.
وهذا الوعيد المرتب على الشقاق ومخالفة المؤمنين
مراتب لا يحصيها إلا الله بحسب حالة الذنب صغرا وكبرا، فمنه ما يخلد في
النار ويوجب جميع الخذلان. ومنه ما هو دون ذلك، فلعل الآية الثانية
كالتفصيل لهذا المطلق.

وهو: أن الشرك لا يغفره الله تعالى لتضمنه القدح
في رب العالمين وفي وحدانيته وتسوية المخلوق الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا
نفعا بمن هو مالك النفع والضر، الذي ما من نعمة إلا منه، ولا يدفع النقم
إلا هو، الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه، والغنى التام بجميع وجوه
الاعتبارات.

فمن أعظم الظلم وأبعد الضلال عدم إخلاص العبادة
لمن هذا شأنه وعظمته، وصرف شيء منها للمخلوق الذي ليس له من صفات الكمال
شيء، ولا له من صفات الغنى شيء بل ليس له إلا العدم. عدم الوجود وعدم
الكمال وعدم الغنى، والفقر من جميع الوجوه.

وأما ما دون الشرك من الذنوب والمعاصي فهو تحت
المشيئة، إن شاء الله غفره برحمته وحكمته، وإن شاء عذب عليه وعاقب بعدله
وحكمته، وقد استدل بهذه الآية الكريمة على أن إجماع هذه الأمة حجة وأنها
معصومة من الخطأ.

ووجه ذلك: أن الله توعد من خالف سبيل المؤمنين
بالخذلان والنار، و { سبيل المؤمنين } مفرد مضاف يشمل سائر ما المؤمنون
عليه من العقائد والأعمال. فإذا اتفقوا على إيجاب شيء أو استحبابه، أو
تحريمه أو كراهته، أو إباحته - فهذا سبيلهم، فمن خالفهم في شيء من ذلك بعد
انعقاد إجماعهم عليه، فقد اتبع غير سبيلهم. ويدل على ذلك قوله تعالى: {
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } .

ووجه الدلالة منها: أن الله تعالى أخبر أن
المؤمنين من هذه الأمة لا يأمرون إلا بالمعروف، فإذا اتفقوا على إيجاب شيء
أو استحبابه فهو مما أمروا به، فيتعين بنص الآية أن يكون معروفا ولا شيء
بعد المعروف غير المنكر، وكذلك إذا اتفقوا على النهي عن شيء فهو مما نهوا
عنه فلا يكون إلا منكرا، ومثل ذلك قوله تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ
أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس } فأخبر تعالى أن هذه
الأمة جعلها الله وسطا أي: عدلا خيارا ليكونوا شهداء على الناس أي: في كل
شيء، فإذا شهدوا على حكم بأن الله أمر به أو نهى عنه أو أباحه، فإن شهادتهم
معصومة لكونهم عالمين بما شهدوا به عادلين في شهادتهم، فلو كان الأمر
بخلاف ذلك لم يكونوا عادلين في شهادتهم ولا عالمين بها.

ومثل ذلك قوله تعالى: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي
شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } يفهم منها أن ما لم
يتنازعوا فيه بل اتفقوا عليه أنهم غير مأمورين برده إلى الكتاب والسنة،
وذلك لا يكون إلا موافقا للكتاب والسنة فلا يكون مخالفا.

فهذه الأدلة ونحوها تفيد القطع أن إجماع هذه الأمة حجة قاطعة .

وقال تعالى : {مُّحَمَّدٌ
رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء
بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ
اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ
ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ
أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ
يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً
عَظِيماً
}الفتح29. قال الإمام السعدي -رحمه الله تعالى كما في
تفسيره - (1 / 795-798) : يخبر تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
من المهاجرين والأنصار، أنهم بأكمل الصفات، وأجل الأحوال، وأنهم {
أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ } أي: جادون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في
ذلك بغاية جهدهم، فلم يروا منهم إلا الغلظة والشدة، فلذلك ذل أعداؤهم لهم،
وانكسروا، وقهرهم المسلمون، { رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } أي: متحابون متراحمون
متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، هذه معاملتهم مع
الخلق، وأما معاملتهم مع الخالق فإنك { تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا } أي:
وصفهم كثرة الصلاة، التي أجل أركانها الركوع والسجود.

{ يَبْتَغُونَ } بتلك العبادة { فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا } أي: هذا مقصودهم بلوغ رضا ربهم، والوصول إلى ثوابه.
{ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ
السُّجُودِ } أي: قد أثرت العبادة -من كثرتها وحسنها- في وجوههم، حتى
استنارت، لما استنارت بالصلاة بواطنهم، استنارت [بالجلال] ظواهرهم.

{ ذَلِكَ } المذكور { مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ } أي: هذا وصفهم الذي وصفهم الله به، مذكور بالتوراة هكذا.
وأما مثلهم في الإنجيل، فإنهم موصوفون بوصف آخر،
وأنهم في كمالهم وتعاونهم { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ } أي:
أخرج فراخه، فوازرته فراخه في الشباب والاستواء.

{ فَاسْتَغْلَظَ } ذلك الزرع أي: قوي وغلظ {
فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ } جمع ساق، { يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ } من كماله
واستوائه، وحسنه واعتداله، كذلك الصحابة رضي الله عنهم، هم كالزرع في نفعهم
للخلق واحتياج الناس إليهم، فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع
وسوقه، وكون الصغير والمتأخر إسلامه، قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه
على ما هو عليه، من إقامة دين الله والدعوة إليه،كالزرع الذي أخرج شطأه،
فآزره فاستغلظ، ولهذا قال: { لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } حين يرون
اجتماعهم وشدتهم على دينهم، وحين يتصادمون هم وهم في معارك النزال، ومعامع
القتال.

{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } فالصحابة رضي الله
عنهم، الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، قد جمع الله لهم بين
المغفرة، التي من لوازمها وقاية شرور الدنيا والآخرة، والأجر العظيم في
الدنيا والآخرة........................

وقال الله تعالى :{وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم
بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
}التوبة100. قال صاحب التفسير الميسر (3 /
342) : والذين
سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين
الذين هجروا قومهم وعشيرتهم وانتقلوا إلى دار الإسلام، والأنصار الذين
نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه الكفار، والذين اتبعوهم
بإحسان في الاعتقاد والأقوال والأعمال طلبًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى،
أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم الله ورسوله، ورضوا عنه لما أجزل لهم من
الثواب على طاعتهم وإيمانهم، وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين
فيها أبدًا، ذلك هو الفلاح العظيم. وفي هذه الآية تزكية للصحابة -رضي الله
عنهم- وتعديل لهم، وثناء عليهم; ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان.

-وقال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- كما في
صحيحه - (7 / 142) : حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِىُّ فُضَيْلُ
بْنُ حُسَيْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ
مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِىِّ -صلى الله
عليه وسلم- عِنْدَهُ لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَأَقْبَلَتْ
فَاطِمَةُ تَمْشِى مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بِهَا فَقَالَ «
مَرْحَبًا بِابْنَتِى ». ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ
شِمَالِهِ ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا فَلَمَّا رَأَى
جَزَعَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ. فَقُلْتُ لَهَا خَصَّكِ
رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ بِالسِّرَارِ
ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- سَأَلْتُهَا مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
قَالَتْ مَا كُنْتُ أُفْشِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
سِرَّهُ. قَالَتْ فَلَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
قُلْتُ عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِى عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ لَمَا
حَدَّثْتِنِى مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
فَقَالَتْ أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ أَمَّا حِينَ سَارَّنِى فِى الْمَرَّةِ
الأُولَى فَأَخْبَرَنِى « أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ
فِى كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّهُ عَارَضَهُ الآنَ
مَرَّتَيْنِ وَإِنِّى لاَ أُرَى الأَجَلَ إِلاَّ قَدِ اقْتَرَبَ فَاتَّقِى
اللَّهَ وَاصْبِرِى فَإِنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ ».
قَالَتْ فَبَكَيْتُ بُكَائِى الَّذِى رَأَيْتِ فَلَمَّا رَأَى جَزَعِى
سَارَّنِى الثَّانِيَةَ فَقَالَ « يَا فَاطِمَةُ أَمَا تَرْضَىْ أَنْ
تَكُونِى سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ
الأُمَّةِ ». قَالَتْ فَضَحِكْتُ ضَحِكِى الَّذِى رَأَيْتِ. قلتُ : والحديث
رواه البخاري .

- وقال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- كما في
صحيحه - (7 / 185) : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ جَمِيعًا عَنْ غُنْدَرٍ
قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ حَدَّثَنِى زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ
سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ».
قَالَ عِمْرَانُ فَلاَ أَدْرِى أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً « ثُمَّ يَكُونُ
بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلاَ
يُتَّمَنُونَ وَيَنْذُرُونَ وَلاَ يُوفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ »
. قلتُ : الحديث متفق عليه .

- وقال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى - كما في
صحيحه - (7 / 185) : وَحَدَّثَنِى الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الْحُلْوَانِىُّ
حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى
الله عليه وسلم- قَالَ « خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ». فَلاَ أَدْرِى فِى
الثَّالِثَةِ أَوْ فِى الرَّابِعَةِ قَالَ « ثُمَّ يَتَخَلَّفُ مِنْ
بَعْدِهِمْ خَلْفٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ
شَهَادَتَهُ » . قلتُ : الحديث متفق عليه .

- وقال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- كما في
صحيحه - (1 / 95) : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ وَهَارُونُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ قَالُوا حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ -
وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ - عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبُو
الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ
النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ
أُمَّتِى يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ - قَالَ - فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ -صلى الله عليه
وسلم- فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا. فَيَقُولُ لاَ. إِنَّ
بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ. تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الأُمَّةَ
».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
يامن يبحث عن الحق كتاب الله هو الحق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  احكام تجويد كتاب الله عز وجل اسال الله لكم الافادة منها
»  قبل أن تحفظ كتاب الله
»  █◄::::عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم .::::: ►█
»  منهاج النبوة في حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الأمراء
»  حقوق الله تعالى وحقوق رسوله (صلى الله عليه وسلم)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شركة الافضل التطويرية  :: القسم الثقافي و الأدبي العام :: الركن الإسلامى-
انتقل الى: