لمست بنوتة
عدد المساهمات : 325 تاريخ التسجيل : 19/03/2013
| موضوع: أسباب السعادة الزوجية الثلاثاء مارس 19, 2013 5:47 pm | |
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سنتحدث فيها عن أسباب السعادة الزوجية
والحقيقة أنه ينبغي أن نتلافى أسباب الشقاق ،
ثم أن نفعل موجبات السعادة الزوجية ، لو عدنا إلى كتاب
ومنهج الله ، وتعليمات الصانع ، وكلام الخبير فإننا نجد الله عز وجل يقول :
( سورة النساء )
ما معنى كلمة معروف ؟ المعروف تعرفه الفطر السليمة بداهة ، إذا قال الله عز وجل :
( سورة آل عمران )
ما المعروف ؟ الشيء الذي تعرفه النفوس بداهة يقول هكذا فطرت يقول وجبلت عليه ، ألم يقل الله عز وجل :
( سورة الشمس )
يعني أنها إذا اتقت تعلم أنها اتقت من دون أن ينبّهها أحد ،
وإذا فجرت تعلم من دون أن ينبهها أحد ،
هذه هي الفطرة ، وهي متوافقة تماماً مع منهج الله ، قال تعالى :
( سورة الروم )
أي أن تقيم وجهك نحو الدين ، أن تشدّ همتك إلى تطبيق الحق ،
هو ما جبلتَ أنت عليه في الأصل ، لذلك حينما يقول الله عز وجل :
الشيء الذي تعرفه النفوس فطرة وابتداء وبداهة من دون توجيه ،
والفطرة أيها الإخوة شيء مهم جداً في الدين .
يقول الله عز وجل :
(سورة النساء)
نحن في دار ابتلاء ، لا في دار استواء ، وفي منزل ترح ،
لا منزل فرح ، ومن عرف الدنيا لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء ،
قد جعلها الله دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ،
وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي .
قال بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى :
قالوا : ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها ، بل أن تحتمل الأذى منها .
أيها الإخوة الكرام ، روت كتب الأدب والسيرة أن قاضياً شهيراً اسمه شريح لقيه صديقه الفضيل ،
فقال له : يا شريح ، كيف حالك في بيتك ؟ قال : والله منذ عشرين عاماً لم أجد ما يعكِّر صفائي ،
قال : وكيف ذلك يا شريح ؟ قال خطبتُ امرأة من أسرة صالحة ، فلما كان يوم الزفاف وجدتُ صلاحاً وكمالاً ،
يقصد صلاحاً في دينها ، وكمالاً في خُلقها ، فصليتُ ركعتين شكر على نعمة الزوجة الصالحة ،
فلما سلمت من صلاتي وجدت زوجتي تصلي بصلاتي ، وتسلم بسلامي ، وتشكر شكري ،
فلما خلا البيت من الأهل والأحباب دنوتُ منها ، فقالت لي : على رِسلك يا أبا أمية ، ثم قامت فخطبت ،
وقالت : أما بعد ، فيا أبا أمية ، إنني امرأة غريبة ، لا أعرف ما تحب ، ولا ما تكره ،
فقل لي ما تحبه حتى آتيه ، وما تكره حتى أجتنبه ، ويا أبا أمية ، لقد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك ،
وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي ، ولكن كنت لك زوجة على كتاب الله وسنة رسوله ـ e ـ
ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ، فاتّقِ الله بي ، وامتثل قوله تعالى :
(سورة البقرة)
ثم قعدتُ ! قال : فألجأتني إلى أن أخطب ، فوقفت وقلت : أما بعد ، فقد قلتِ كلاماً إن تصدقي فيه ،
وتثبتي عليه يكن لكِ ذخراً وأجراً ، وإن تَدَعيه يكن حجة عليك ، أحِبُّ كذا وكذا ،
وأكره كذا وكذا ، وما وجدتِ من حسنة فانشريها ، وما وجدتِ من سيئة فاستريها .
أيها الإخوة ، وصف النبي عليه الصلاة والسلام المرأة الصالحة بأنها ستّيرة ، والمرأة الفاجرة فضّاحة ،
وقال في بعض الأحاديث : إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها .
وعَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ )) .
[الترمذي]
ولا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها ، وهي لا تستغني عنه ، وما وجدت من حسنة فانشريها ،
وما وجدت من سيئة فاستريها ، قالت : كيف نزور أهلي وأهلك ؟ ما رأيك في هذا الموضوع ؟ قال : نزورهم غباً ،
مع انقطاع بين الحين والحين لئلا يملُّوا ، وفي الحديث الشريف : (( زر غباً تزدد حباً )) .
[الطبراني عن عبد الله بن عمرو]
قالت : فمَن مِنَ الجيران تحب أن أسمح لهن بدخول بيتك ؟ ومن تكره ؟
قال : بنو فلان قوم صالحون ، وبنو فلان قوم غير ذلك ، يقول شريح : ومضى علي عام عدت فيه إلى البيت ،
فإذا أم زوجتي عندنا ، رحبت بها أجمل ترحيب ، وكانت قد علمت من ابنتها أنها في أهنأ حال ،
قالت : يا أبا أمية ، كيف وجدت زوجتك ؟ قلت : والله هي خير زوجة ،
قالت : يا أبا أمية ، ما أوتي الرجال شراً من المرأة المدللة فوق الحدود ،
فأدب ما شئت أن تؤدب ، وهذب ما شئت أن تهذب ، ثم التفت إلى ابنتها تأمرها بحسن السمع والطاعة ،
ومضى علي عشرون عاماً لم أجد ما يعكر صفائي إلا ليلة واحدة كنت أنا الظالم .
ألم أقل لكم في الحلقة السابقة : إذا بني الزواج على طاعة الله تولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين ،
أما إذا بني على معصية الله يتولى الشيطان التفريق بينهما ، إذا أطاع المؤمن ربه ألهمه الحكمة ،
فعاش مع زوجته حياة سعيدة ، وإذا عصى الرجل ربه ألهم الحمق ، فكم من إنسان يحفر قبره بيده ،
ويهدم سعادته بيده ، إنه حينما ينقطع عن الله عز وجل فيحرم من الحكمة ، الآية الأولى :
أيها الإخوة ، شيء آخر ، الله عز وجل بين الزوجين وهو أروع ما في الزواج الإسلامي ،
كل طرف يخشى الله أن يظلم الطرف الآخر ، وكل طرف يرجو رحمة الله بخدمة الطرف الآخر ،
هذا من خصائص الزواج الإسلامي ، الآن يقول الله عز وجل :
(سورة البقرة)
كما أنك تحب أن تحترم أهلك هي تحب أن تحترم أهلها ،
كما تحب أن تراها بمظهر أنيق هي تحب أن تراك بمظهر أنيق ،
كما تحب أن تكون صادقة معك هي تحب أن تكون صادق معها ،
كما تحب أن تقدر شعورك تحب أن تقدر شعورها .
والمعروف ما في الفطرة ما ركز في أهل الفطرة ، وما جبل عليه الإنسان ،
أما هذه الدرجة التي للزوج فهي درجة واحدة ، درجة القيادة ، لأن الزواج والبيت مؤسسة لا بد لها من قائد واحد ،
وصاحب قرار ، لكن الزوج ينبغي أن يستشير زوجته أحياناً ، والدليل أن الله عز وجل يقول :
(سورة الطلاق)
بل إن النبي عليه الصلاة والسلام في الحديبية استشار أم سلمة ، وأشارت عليه ، ونفذ استشارتها ،
وحلت المشكلة ، ينبغي أن تستشيرها ، وتستشيرك ، وتتبادلا الآراء ،
ولكن هذه المؤسسة تحتاج إلى صاحب قرار ، الله عز وجل يقول :
(سورة آل عمران)
فهذه الدرجة درجة القرار ، لأن الذي يراه الزوج قد لا تراه الزوجة ،
والذي يعرفه الزوج من الظروف المحيطة بالبيت قد لا تعلمها الزوجة ،
أما أن يظن الزوج أن له كل شيء ، وليس لها شيء ، فهذا جهل فاضح في حقوق الزوجة .
أيها الإخوة الكرام ،
هناك فكرة دقيقة ، وهي أن هذه الدرجة درجة الخدمة والرؤية والحزم والقرار ،
وليست درجة التعسف ، ولا درجة الاستبداد ، بل درجة السلامة ، ودائماً وأبداً كلمة ( لا )عنوان السلامة ،
وكلمة ( نعم ) عنوان الهلاك ، فالذي يملك قيادة البيت هو الزوج .
شيء آخر ، المرأة أيها الإخوة في القيم الإسلامية ، والفكر الإسلامي ،
وفي النصوص الإسلامية مساوية للرجل تماماً في التكليف ، فهي مكلفة كما هو مكلف ، وفي التشريف ،
هي مشرفة كما هو مشرف ، وفي المسؤولية هي مسؤولة كما هو مسؤول ،
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام فيما تروي بعض الروايات حينما فتح مكة دعي لبعض بيوتاتها ،
فقال : انصبوا لي خيمة عند قبر خديجة ، من خديجة ؟ زوجته الأولى ،
ويروى أنه نصب الراية أمام قبرها ليشعر الناس جميعاً أن هذا الفتح المبين لها جزء كبير من الفضل فيه ،
كانت رضي الله عنها سنده من الداخل ، فلذلك أشار النبي إلى فضلها ،
وما تتمتع به من حرص لنجاح الدعوة ،
لذلك أشعر الناس أن لهذه المرأة العظيمة التي كانت عند النبي عليه الصلاة والسلام ،
والتي عاش معها ربع قرن كان لها فضل كبير حتى في هذا الفتح المبين .
أما قوله تعالى :
(سورة النساء)
قوَامون جمع قوَام ، قوَام صيغة مبالغة اسم الفاعل ، شديد القيام ،
يفهمها بعض الناس أن قوامة الرجل سيطرة ،
وعنجهية ، واستعلاء ، واستبداد ، وتعسف ، لا ، أبداً ،
بل قوامة الرجل جهد كبير في داخل البيت وخارجه ، متابعة للأمور ،
تصحيح للمسار ، تصويب للأخطاء ، هذه قوامة الرجل ،
فالله سبحانه وتعالى أناط مسؤولية الأسرة بالرجل ،
لأنه بحسب تكوينه الفكري والجسمي والاجتماعي والنفسي ،
لعله أقدر على قيادة هذا المركب من الزوجة ، فلذلك حينما يقول الله عز وجل :
بمعنى أنهم يتحملون مسؤولية سلامة ، ونمو هذه الأسرة .
أذكر أن سيدنا عمر مرة قال : لست خيراً من أحدكم ، ولكنني أثقلكم حملاً ، وينبغي أن يقول الزوج :
لست خيراً من واحد من أسرتي ، ولكنني أثقلهم حملاً ، هذا معنى قوامة الزوج :
فهي تكليف ، وليست تشريفًا ، هي إشراف ، وخدمة ، وحرص ،
ودأب ، وجهد ، وسعي ، وليست استعلاء وغطرسة ،
وتحكماً ، وتعسفاً ، واستبداداً .
آية أخرى تنظم العلاقة والسعادة الزوجية ، هذه المرأة الصالحة التي قال عنها الله في بعض الأدعية : }
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيًا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذابَ النَّارِ { ، قالوا : حسنة الدنيا المرأة الصالحة ،
التي إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا غبت عنها حفظتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ،
المرأة الصالحة شيء لا يقدر بثمن ، هي سبب سعادة زوجها وأولادها ، ألم أقل لكم في الحلقة السابقة :
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : (( اعلمي أيتها المرأة ،
وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله )) .
[ورد في الأثر]
أليست العبادة بالمفهوم الواسع أن تعبد الله فيما أقامك ؟ إن أقامك أيها الرجل غنياً فالعبادة الأولى إنفاق المال ،
وإن أقامك عالماً فالعبادة الأولى تعليم العلم ، وإن أقامك قوياً فالعبادة إنصاف الضعيف ،
وإن أقامكِ امرأة فالعبادة الأولى حسن رعاية زوجك وأولادك .
(سورة النساء)
المرأة الصالحة تحفظ نفسها وفق منهج الله ، لا وفق مزاجها وتصوراتها الضعيفة ،
ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما .
أيها الإخوة الكرام ، بقيت آية من آيات الله التي تنظم العلاقة بين الزوجين ، يقول الله عز وجل :
(سورة الأنفال)
هذه الآية تفهم على مستويات ثلاثة :
أولاً : أن أصلح علاقتك مع الله ، فإن صلحت علاقتك معه صلح معك كل شيء ، حتى إن بعض العارفين يقول :
إني أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي ، إذا كانت علاقته بالله قوية يلهم الله الزوجة أن تنصاع له ،
وتعتني به ، وتحبه وتكون في خدمته ، أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي .
أنت حينما تطبق منهج الله عز وجل تكون كبيراً في نظر زوجتك ، وذا هيبة كبيرة ،
وعندئذ تنصاع لك ، وتتودد إليك ، وتتقرب منك ، وأصلحوا العلاقة بينكم وبين جهة أخرى ،
وهل من جهة أقرب إليكم من زوجاتكم ؟ أي أصلحوا العلاقة ين الزوجين ، والخطأ يصحح ،
مادام الإنسان حيًّا يرزق ، ومادام القلب ينبض فكل شيء يصحح ،
الخطأ يصحح ، يمكن أن نعتذر ، أن نقدم هدية .
والمعنى الثالث : ينبغي أن تصلح العلاقة بين كل اثنين ، مع الله أولاً ،
فإن صلحت علاقتك مع الله صلح معك كل شيء ، " ابن آدم ، اطلبني تجدني ،
فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، ابن آدم ، كن لي كما أريد أكن لك كما تريد ، ابن آدم ، كن لي كما أريد ،
ولا تعلمني بما يصلحك ، نصلح علاقتنا مع الله أولاً ، ثم مع زوجاتنا ثانياً ،
ونصلح أية علاقة بين اثنين ثالثاً ، هذه آية أخرى تنتظم العلاقة الزوجية .
أيها الإخوة الكرام ، هناك بعض القواعد الاجتماعية من شأنها أن تديم الحب بين الزوجين ،
وأن تديم حرارة العلاقة بين الزوجين ، وأن تديم الود بينهم والرحمة ،
وكلها مستنبطة من نصوص الكتاب والسنة ، إما مباشرة ، أو بشكل غير مباشر .
أيها الإخوة ، إن كنت تحب زوجتك فلمَ لا تعبر عن هذا الحب ؟ ألم يقل النبي لأحد الصحابة :
هل أعلمته أنك تحبه ؟ قال : لا ، قال : أعلمه .
مَن أولى الناس أن تعبر لها عن حبك ؟ حينما تعبر لزوجتك عن محبتك فهذا سبب من أسباب السعادة الزوجية ،
ويديم الحب بين الزوجين ، وحرارة اللقاء بينهما .
أيها الإخوة ، أن تثني على عملها كما قلت في الدرس السابق ، بيتها نظيف ، طعامها طيب ،
مظهرها أنيق ، أولادها مرتَّبون ، هذه الإنجازات التي تفعلها ينبغي أن ترى صداها عندك ،
فحينما تثني على ما عندها ، على عملها ، واهتمامها ، فهذا يديم السعادة الزوجية ،
وقد ورد في بعض الأحاديث أن من سعادة المرء أن تكون زوجته صالحة ،
وأولاده أبرارًا ، ورزقه في بلده ، ومنزله واسعاً ، ومركبه وطيئاً .
شيء آخر ، أن تجلس معها ، وتنصت إليها ، وتسألها عن يومها ، هذا اهتمام بها ،
في أيام الخطبة قد تستمر المكالمة ست ساعات بعد حين من الزواج لا ينطق ولا بكلمة ، ولا يتكلم ،
ولا تتكلم هي ، ما هذه القطيعة ؟ ينبغي أن تجلس معها ، وتنصت إليها دون أن تتشاغل بمجلة أو جريدة ،
أن تعطيها من اهتمامك ، وتقبل عليها ، وتسألها عن يومها ، عمّا حدث لها ، عن شؤونها ،
عن إنجازاتها ، هذا يعني أنك مهتم بها حتى تهتم بك .
أيها الإخوة الكرام ، كان عليه الصلاة والسلام في مهنة أهله يخدمهم ،
فعَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ :
(( كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ ، تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ ، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ )) .
[البخاري]
أحياناً إن رأيتها مشغولة ، أو مريضة ، أو متعبة فحاول أن تعينها على أعباء المنزل ،
وأن تقدم لها شيئاً ، وتأتيها بطعام جاهز ، وتعفيها من بعض المهمات ،
هذا يؤكد الود بينكما ، وهذا أيضاً من سنن النبي عليه الصلاة والسلام .
أنا أقول لكم أيها الإخوة : إن ضغط العمل ، وضغط عمل المنزل ، والحياة الرتيبة ،
والضغوط النفسية الشديدة ، هذه تفضي إلى توتر شديد ،
النزهة المنضبطة وفق منهج الله أساسية في تجديد النشاط ،
وتمتين العلاقات ، لا تنسى أن تأخذ أهلك إلى نزهة من حين لآخر ،
على أن تكون النزهة منضبطة ، هذا أيضاً من أسس العلاقة الزوجية .
ما الذي يمنع أن تتصل بها مراراً ، وأنت في عملك كي تطمئن عنها ؟ أن تتصل بها هذا يشعر أنك تحبها ،
وهي في بالك ، وأنك تحبها ، فاتصالك الهاتفي من خلال عملك بها تسألها عن أحوالها ،
تعلمها ببعض الأفكار والحالات ، هذا جزء من حسن العلاقة بين الزوجين .
أيها الإخوة ، إذا كنت سوف تتأخر فينبغي أن تعلمها عن طريق اتصال هاتفي ، أما أن تنتظر ،
وتنتظر إلى بعد منتصف الليل ، وقد تكون معذوراً ، لكن الاتصالات الآن جيدة جداً ،
فهذا الذي لا يكلف نفسه أن يتصل بزوجته كي يعلمها أنه متأخر
فهذه حالة مَرَضية تسبب عدم المبالاة بين الزوجين .
أيها الإخوة الكرام ، هذا من بعض ما تقتضيه الحكمة التي قال الله عز وجل عنها :
(سورة البقرة)
أعود وأقول : أنت بالحكمة التي يهبها الله لك كمكافأة على إيمانك به ،
وطاعتك له قد تسعد بزوجة من الدرجة الخامسة ،
ومن دون حكمة قد تشقى بزوجة من الدرجة الأولى .
أيها الإخوة ، من هذه القواعد الاجتماعية إذا سافرت خارج البلدة
فينبغي أن تتصل بها ، وتخبرها عن رقم هاتفك ،
وأنك وصلت بالسلامة ، وتتيح لها أن تتصل بك ،
هذا شيء من الود بين الزوجين ، هي تحب من يهتم بها ،
ويسأل عنها ، بل إنك إن سافرت بعيداً فينبغي أن تخبرها أنك تفتقدها ، وأن لها دورًا خطيرًا في حياتك ،
وأن الحياة من دونها لا تطاق ، هذا من حكمة الزوج.
بل كما علمنا النبي عليه الصلاة والسلام أنه لا تدخل إلى بيتك من بعد سفر
إلا بعد أن تعلمها عن موعد قدومك كي تهيئ نفسها .
النبي عليه الصلاة والسلام حينما يكون في الغزوات لا يأتي أزواجه مباشرة ، يقيم خارج المدينة يوماً ،
ويُعلِم من في المدينة أنهم قد حضروا ، هذا من حكمة الزوج ،
لا تفاجئ زوجتك بدخول البيت عقب سفر طويل ، لابد أن تعلمها مسبقاً عن موعد قدومك .
أيها الإخوة ، تعاطف مع مشاعرها ، إنه بدت متعبة ، أو شعرت بالضيق ،
فالكلمة الطيبة صدقة ، حينما تتعاطف مع مشاعرها في حال الضجر فهذا التعاطف هو العلاج والحل ،
والذي يمتص ضجرها ، وقلقها ، وتبرمها ، ثم إنك إن فاجأتها بهدية من حين إلى آخر فهذا جيد ،
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( تَهَادَوْا ، فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ ... )) .
(سنن الترمذي)
فهي رسالة محبة ورمز المودة ، فعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( تَصَافَحُوا يَذْهَبِ الْغِلُّ ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا ، وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ )) .
(موطأ مالك)
ليس القصد أن تكون الهدية ثمينة ، بل أن تكون معبرة ، ليس غير ،
فمن حين إلى آخر لا تنسَ أن تقدم لها هدية ،
ليست البطولة أن تبلغ القمة ، بل أن تبقى في القمة ، ليست البطولة أن تتزوج ،
بل أن يبقى الزواج ناجحاً ، ليس البطولة أن تحب زوجتك في أيام الخطبة ،
بل أن يدوم هذا الحب ، ويتنامى بعد العرس ، وأن يكون خطك البياني صاعداً ،
لا أن يكون نازلاً ، ففاجئها بهدايا صغيرة من حين لآخر ، فإن الهدية كما قال عليه الصلاة والسلام :
(( تذْهَبِ الْغِلُّ )) ، (( وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ )) ،
إذا كانت مريضة اسألها عن حالها ، تفقد شأنها ،
واسألها عن تطور المرض ، وعن الأدوية التي تأخذها ، حاول أن تذكرها بأوقات الأدوية ،
هذا اهتمام منك بها ، أما إذا جرحت مشاعرها فما الذي يمنع أن تعتذر لها ؟
وتقول لها : سامحيني لقد أخطأت معك ، فهذه كلمة تنسيها كل الألم والضجر ، فلذلك :
أيها الإخوة ، حينما تنجح في إسعاد زوجتك وتربية أولادك تستطيع مواجهة المشكلات الخارجية
كنت أقول دائماً : لو بلغت أعلى منصب في العالم ، وجمعت أغلى ثروة في الأرض ،
ولم يكن بيتك كما تتمنى فأنت أشقى الناس ، أما إذا كنت سعيداً في بيتك فكل شيء يهون .
أرجو الله سبحانه وتعالى أن ننتفع بهذا النهج المحمدي السليم في زواجنا وبيوتنا ،
وفي علاقتنا مع زوجاتنا ، وتربية أولادنا ، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
| |
|